Monday, December 23, 2019

اليونان تسعى لتشكيل تحالف يتصدى لمشروع أردوغان في ليبيا

أثينا وروما تتحركان لإفشال اتفاقية الحدود البحرية بين النظام التركي وحكومة فايز السراج.

اليونان تقف بوجه العبث التركي

بنغازي (ليبيا) – تدفع اليونان باتجاه تشكيل تحالف يتصدى لمشروع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ليبيا الذي يتقاطع مع مصالحها ومصالح عدد من الدول الأوروبية والعربية، عقب توقيع أنقرة وطرابلس لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، إضافة إلى اتفاقية التعاون الأمني والعسكري.

والتقى وزير خارجية اليونان نيكوس دندياس في بنغازي الأحد، عبدالله الثني رئيس الحكومة الليبية المؤقتة المنبثقة عن البرلمان، بعد جولة خارجية شملت الأردن والسعودية والإمارات في خطوة تهدف إلى الحصول على دعم عربي لمواجهة أنقرة.

كما التقى دندياس القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر وبحثا الأوضاع السياسية وآخر مستجدات الحرب على الإرهاب.

وعقب زيارته لبنغازي توجه دندياس إلى مصر في زيارة خاطفة حيث التقى في مطار القاهرة نظيره المصري سامح شكري وبحثا التطورات في ليبيا. وهذه الزيارة الثانية إلى مصر خلال أقل من شهر حيث سبق أن زار القاهرة مطلع ديسمبر الحالي، أي بعد ثلاثة أيام من توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين تركيا وليبيا، لبحث التطورات شرق البحر المتوسط.

وتهدد الاتفاقية التركية الليبية مصالح مصر واليونان وقبرص في شرق المتوسط، بشكل متفاوت وسبق لهذه الدول أن أعلنت رفضها لها، كما يشكل النفوذ التركي المتعاظم في ليبيا خطرا على مصالح دول الاتحاد الأوروبي بما في ذلك تلك التي عرفت بانحيازها لحكومة الوفاق كإيطاليا.

وكان الاتحاد الأوروبي رفض، الأسبوع الماضي، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا واعتبرها تنتهك الحقوق السيادية لثلاث دول ولا تمتثل لقانون البحار ولا يمكن أن تنتج عنها أي تبعات قانونية بالنسبة للدول الثلاث.

وتصب زيارة نيكوس إلى القاهرة وبنغازي، في الجهود الجماعية المبذولة لتطويق نفوذ تركيا باللجوء إلى الوسائل السياسية الشرعية، فالاتفاقيتان لم تحصلا على موافقة البرلمان الليبي في طبرق، ويمكن لأثينا تطوير التعاون معه لتفريغهما من مضامينهما العملية.

مواجهة الخطر التركي

وقال المحلل السياسي الليبي، فيصل بوالرايقة في تصريح لـ”العرب” إن جولة نيكوس أتت استجابة لمساعي رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح الذي قام بزيارة نظيره اليوناني في أثينا، الأسبوع الماضي، وهي اعتراف بأهمية الدور الذي يلعبه مجلس النواب، والتشكيك في شرعية حكومة فايز السراج، خاصة أن زيارة عقيلة توجت بانتقاد الاتحاد الأوروبي للاتفاقيتين.

واعتبر راقي المسماري، أستاذ القانون الدولي، أن زيارات بعض المسؤولين الأوروبيين لشرق ليبيا تأتي في إطار التحالف مع مجلس النواب الليبي وقواته المسلحة، لدفع تركيا بعيدا عن المياه الإقليمية لجنوب المتوسط التي ليس لها الحق في استغلالها.

وأضاف المسماري في تصريح لـ”العرب” أن التفاهم البحري مخالف للقانون الدولي ومجاف للأعراف البحرية، وهذا ما دعا بعض دول المتوسط، مثل إيطاليا واليونان، إلى التحرك نحو “الرجمة”، حيث يقع مقر قيادة القوات المسلحة التي أطلقت عملية عسكرية بهدف تحرير البلاد من قبضة الميليشيات التي رهنت مؤسسات الدولة هناك لرغبات تركيا.

وقام لوجي دي مايو، وزير خارجية إيطاليا، بزيارة لشرق ليبيا في السابع عشر من ديسمبر الحالي، والتقى المشير خليفة حفتر، في خطوة تنطوي على تشكيك في شرعية السراج، الذي كان قريبا من روما، في وقت تجاهلت السلطات الإيطالية طلب حكومة الوفاق برئاسة السراج تفعيل الاتفاقية الأمنية بين البلدين، الأمر الذي يكشف استياء روما من الاتفاقية الأمنية بين تركيا وليبيا.

واعتبر عبدالرحيم الجنجان، عضو الاستشارية العليا لديوان المحاسبة في ليبيا، في تصريح لـ”العرب” أن زيارة وزيري الخارجية اليوناني بعد الإيطالي لشرق ليبيا وفي أيام متقاربة، خطوة قوية لنزع الشرعية عن المذكرتين ومن ثم السراج.

ولدى دول البحر المتوسط أسباب وجيهة في اعتراضها على مذكرة التفاهم الخاصة بالحدود البحرية، أبرزها عدم اختصاص المجلس الرئاسي الليبي بعقد الاتفاقيات والتفاهمات بالنظر إلى “الصخيرات”، وضرورة المرور على البرلمان لاعتمادها والتصديق عليها.

وتتحرك بعض الدوائر السياسية التي ترى في استمرار حكومة الوفاق، بقيادة فايز السراج، خطرا على ليبيا، على مستويين مكملين ومتوازيين مع بعضهما، أحدهما منع حصول مذكرتي التفاهم على شرعية دولية، والآخر اتخاذ خطوات تثبت أن السراج غير مسؤول عن تصرفاته، ويجب عزله من منصبه.

وأعلنت جهات دولية عديدة رفض الاتفاقيتين، حيث تزيدان الأمور تعقيدا في شرق البحر المتوسط، وعلى صعيد الأزمة الليبية، بالتالي تبدو فرص حصولهما على شرعية كبيرة مشكوكا في صحتها، عكس المزاعم التي يروج لها أردوغان.

وجاء التأييد الظاهر من قوى محلية فقط لأسباب سياسية، بينما تظل جملة المواقف الدولية، تتفاوت بين رافضة ومتحفظة، ما يقلل من درجة التضخيم التي تعمدت أنقرة وطرابلس تصديرها للمواطنين في البلدين، لأن المذكرتين فتحتا أعين بعض القوى الدولية والإقليمية على مخاطر استمرار التدخلات التركية السافرة في المنطقة، وضرورة مواجهتها بحسم.

وتحرص مصر على أن يكون التصدي للاتفاقيتين جماعيا، من خلال منتدى شرق المتوسط، وتحركات الدول الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة الليبية، وتواصل اتصالاتها لنزع الشرعية عنهما قبل أن تتحولا إلى أمر واقع تستفيد منه أنقرة في زيادة نفوذها.

واستعرض وزير الخارجية المصري في اتصال هاتفي أجراه السبت، مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، أهمية تعزيز العمل العربي المشترك بغية تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، فضلا عن سبل الدفع قدما بجهود التوصل إلى تسوية شاملة للأزمة.

وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها من تصاعد حدة الصراع في ليبيا، واعتبرت مذكرة التفاهم البحري “غير مفيدة واستفزازية”، وقالت على لسان أحد المسؤولين في واشنطن “هذا ليس الوقت المناسب لإثارة المزيد من عدم الاستقرار في البحر المتوسط”.

واعترف أردوغان بأنه يخترق الحظر الدولي لتصدير الأسلحة إلى ليبيا، عندما قال الأحد، إن بلاده “ستزيد من الدعم العسكري للحكومة الليبية المعترف بها دوليا، إذا اقتضت الضرورة وستدرس الخيارات الجوية والبرية والبحرية”.

واعتبر مراقبون أن هذه التصريحات تشير إلى استشعار أردوغان للضغوط الدولية والإقليمية التي تستهدف مشاريعه في ليبيا.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2MoZvyG
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل