Tuesday, December 31, 2019

“لوحة الحكومة”: فدائيون سنة وإستشهاديون شيعة

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

كان يأمل رئيس الحكومة المكلَّف حسان دياب والفريق السياسي الذي يدعمه، أن يُصار إلى استيلادِ الحكومة بالطرقِ الطبيعيّةِ يوم أمس حتى يكون المولود الجديد بادرة خيرٍ تنطلق معها السنة الجديدة المتوقَّع أن تكونَ “محمَّلة بالملفات الشائكة”، لكن تبيَّن أنّ غرفةَ الولادة ليست جاهزة بعد لاستقبال الضيفِ المُنتَظَر بحكمِ حصول تطوّراتٍ مُفاجئةٍ.

مبدئيًا، أخذ الجميع نفسًا عميقًا وأعطى كلّ فريقٍ سياسيٍّ لنفسه فترة سماحٍ جديدةٍ تمتدّ إلى ما بعد عيد الميلاد لدى الطوائف الشرقيّة، وإن تعدَّته فمن المُفترَض، أن لا تتجاوز موعد العاشر من الشهر المقبل، علمًا، أنّ الرئيسَ المُكَلَّف حسّان دياب ما زالَ يتموضع ضمن المهلة المنطقيّة للتأليفِ ولم يتجاوزها على الرغم من أنّه وضعَ لنفسهِ مهلة تُقَدَّر بين 4 إلى 6 أسابيعٍ.

وتبدو الحماسة زائدة من أجل إعلان التشكيلة لدى رئاسة الجمهورية و”الثنائي الشيعي”، من أجل تسجيل سابقة في مسألة تأليف الحكومات، وبالتالي، كسر القاعدة القديمة التي تدَّعي أن تأليفها في لبنان يحتاج إلى أشهرٍ طويلةٍ. لا بل أنّ بعض المتطرّفين من المحسوبين على خطِّ الثامن من آذار يقولون، أنّ الرهانَ اليوم هو على كسرِ “بدعةِ سعد الحريري في التأليفِ”، وإظهار أنّ التأخيرَ الذي طبعَ العملية في الماضي كان هو يتحمَّل مسؤوليته وكان “تكتيكًا مقصودًا” لفرضِ المطالبِ.

ويبدو، أنّ العراقيلَ التي تُعثِّر الولادة ليست من النوعِ الصعبِ أو تلك التي ترتقي إلى مستوى العُقدِ غير القابلة للحلّ، بل أنّها تتمحور في غالبيّتها حول رغبات وتمنيات حكومية، وبعض التفاصيل المرتبطة بمسألةِ التمثيل والتوزير وإسقاط بعضِ الأسماء التي تأخذ عملية تحليلها وقتًا، حيث يتكفَّل “الثنائي الشيعي”، بعمليّةِ “تليين المطالب” والمساعدة على ترشيدِ الاختيارات، بعدما نجحَ في تبديدِ الفوارقِ التي ظهرت بينه وبين الرئيسِ المُكَلَّف.

هذا التوجّه، بدا واضحًا خلال عطلةِ نهايةِ الأسبوعِ المُنصرَمِ التي شهدت دخول عملية التأليف العدّ العكسي لإعلان الولادة مع تسجيل أكثر من لقاءٍ حصلَ بين الكُتلِ المعنيّةِ بالتأليفِ وغالبيّتها منتمية إلى نادي الثامن من آذار والرئيس المُكَلَّف فضلًا عن لقاءٍ مع “الخليلَيْن”.

وهنا، كما درَجَت العادة، حضرت “أجندة” الوزير علي حسن خليل الصغيرة المحفوظة في جيبه، التي تكفَّلت أولاً بمهمة عرض ثمار الجولات السابقة على الرئيسِ دياب ومحاولة تأمين المناسبِ منها، ثم تولى خليل تدوين “تمنيات” و “ملاحظات” على صعيدِ مطالبِ الرئيسِ المُكَلَّف ونقلها إلى المعنيين بها، ما يوحي، بأنّ “الثنائي الشيعي”، يعمل كـ “مخلصٍ جمركيٍّ” على رصيفِ تفريغِ حمولةِ الحكومة.

وعلى قاعدة “اصبروا”، نشط “الثنائي” في تجفيفِ موردِ التجاذبات الحكومية بين دياب والتيار الوطني الحرّ المتصلة بظروفِ وطبيعةِ التشكيلة، بعدما إنتهى مع المُكَلَّف من رسمِ وتحديدِ معالمِ “الحصّة الشيعية” من خارجِ أيّ “عصرِ هضمٍ” قد يطرأ، وقد عادَ واستقرَّ رأي “الثنائي” عند مطلبِ الرئيسِ المكَلَّف، أي تشكيلة من 18 وزيرًا، علمًا، أنّ “الثنائي” حاول الضغط بإتجاه أن تكون من 22 مقعدًا.

وبهذا المعنى، تكون الحصة الشيعية مؤلَّفَة من 4 وزراء استقرّ الرأي على أن تتضمَّنَ، “المال، الصحة، الشباب والرياضة والزراعة”، وهي الحصةُ التي طلبها “الثنائي الشيعي” فنالها في الحكومة الماضية وتقريبًا الحكومات كلّها التي تمثل فيها.

بَقِيَت قضية الأسماء. وهنا، نسبَ البعض إلى حزب الله وحركة أمل تشديدهما، على أن يتمثلان في الحكومة بوزيرَيْن بالحدِّ الأدنى من الحزبيين، وهناك من غمز إلى أنّ القضية العالقة عند الحصّةِ الشيعيّةِ تكمُن في تشديدِ حزب الله على عودة الوزير جميل جبق إلى “الصحة” وتمسّك حركة أمل بعودةِ الوزير حسن اللقيس إلى الزراعة.

الثابت لدى “الثنائي” وتقريبًا جميع المرشحين للمشاركة، أن لا عودة للأسماء القديمة كي لا يُفتَح الباب أمام أحدٍ للعودة إلى طرحِ إعادة توزير وزراءٍ سابقين هم أشبه إلى “عنزةٍ سوداءٍ” ضمن قطيع يتألف من “حملان بيض”! هكذا يراهم “الحَراك” الذي سيجد فيهم أفضل فرصة للاستثمار.

وخلافًا لما يتردَّد حول تمسّك حزب الله بجبق، تبدو حقيقة الأمور مائلة نحو التمسّك بالمقعدِ لا الإسم، ولدى الحزب قائمة غنية مستوفية لشروطِ التوزير ذات صفات “إستشهادية” تصلح لمعاندة رياح العقوبات وتحتوي على الجينات نفسها التي اختير جبق وفقها. وعدم التشديد، يثير علامات استفهام حول طبيعة تجربة جبق مع الحزب. هذا الواقع ينسحب أيضًا على حركة أمل بخصوص مقعد الزراعة.

على ضفّة “الوطني الحر”، يصرُّ مثلًا على أن تكون الحكومة العتيدة مؤلفة من 24 مقعدًا، على إعتبار أنّه يجد ضرورةً في بقاءِ مقعدَيْن لوزراءِ الدولة على الأقلّ كما وأنّه يجد صعوبة “هندسية” في دمجِ بعض الوزارات كـ”الاعلام مع السياحة”، إذ يشير الى وجود فوارق شكلية واضحة بين الشأنَيْن، ما سبَّب التأخير، بيد أنّ “الثنائي الشيعي” دخل على خطِّ محاولة تليين موقف “التيّار” في إنتظار “كلمة سرٍ” قد تصدر عن إجتماعٍ مُرتَقَب بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المُكلَّف حسّان دياب.

وفي الحديثِ عن الدمجِ، يتبيَّن، أنّ الرأي استقرَّ على دمجِ الوزارات التالية: الإقتصاد مع الزراعة، مع تركِ الصناعة مستقلة، الصحة مع الشؤون الإجتماعية، التربية مع الثقافة والبيئة مع المهجّرين.

على صعيدِ التمثيل السُني، تبدو الامور ميّالة أكثر صوب إيجاد حلٍّ، بعد عثور فريق الرئيس المُكَلَّف على “فدائيين سُنّة” ذات صفات أكاديمية ولديهم القدرة على تولي المهمة في هذه الظروف. اولهم مستشار النائب فيصل كرامي، عثمان مجذوب، الذي سمّاه “اللقاء التشاوري” لتمثيله في حكومة دياب خلال اجتماعٍ عُقِدَ ليل الجمعة – السبت ما يعني الاطاحة بالوزير في حكومة تصريف الاعمال حسن مراد.

وشاء البعض، إسقاط مصطلح “جائزة الترضية” التي تكفَل ردّ الاعتبار لكرامي الذي طرحَ إسم مستشاره خلال مباحثات الحكومة المستقيلة لكن لم يؤخذ به بل وجرى الركون إلى تسميةِ حسن مراد ما اعتبرَه كرامي بمثابةِ صفعةٍ ازعَجَته كادت تؤدي إلى “فرطِ” اللقاء. وعلى هذا النحو، يصبح تمثيل “اللقاء” في إطارِ مفهومِ “المداورة”. وقد اقترحَ الأخير، أن ينالَ ممثله “حقيبة الاتصالات”.

“فرضيّة المداورة”، تسري على الحصّةِ الدرزيّةِ المُقدَّرة بوزيرٍ واحدٍ، إذ من المتوقَّع أن يُصار الى إعتمادِ لائحةٍ بالأسماءِ التي كان قد وضعها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بعهدةِ رئيس الجمهورية خلال مرحلة سريان مفعول “العقدة الدرزية” إبّان البحث في تركيبةِ الحكومة المستقيلة مضاف إليها لائحة جديدة موجودة بحوزة الرئيس المُكَلَّف، ويُقال، أنّ “الاشتراكي” قدَّمَها له لانتقاءِ الإسم المناسبِ.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2MI4haA
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل