Sunday, December 15, 2019

باسيل: فليسقط “حكم الحريري”!

“ليبانون ديبايت” – ملاك عقيل

كلّف الأمرُ العونيين ثلاث سنواتٍ حتى يكتشفوا، أنّ الرئيس سعد الحريري “فاشلٌ وفاسدٌ وما بينشَغَل معه، ويحمي الصناديق والمجالس التي تمصّ دمّ الدولة، وهو بليدٌ ومعرقلٌ لمشاريعِ الاصلاح، ومثابرٌ في نهبِ المالِ العام، ورموز الفساد الموالية له لا تزال ناشطة في حمايته ومنها من اختارهم كي يكونوا وزراء في الحكومة…”, وفوق كلّ ذلك “خيانات العالم تجمّعت فيك وفوقها الكذب وشعب أعمى وراك”، كما غرّد قبل أيّامٍ نائب التيار الوطني الحر زياد أسود.

في الخلاصة، رئيس حكومة يُصعَب جدًا على “التيّار” تكرار تجربةِ المساكنة معه… حتّى لو كلَّفَ الأمر كباشًا قاسيًا مع الحلفاء!

لا يستقيم هذا الاستنتاج العوني اليوم مع واقع ما مارسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل، تمامًا كما حزب الله والرئيس نبيه بري، من ضغوطٍ على الحريري منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية بهدف ثنيه عن الاستقالة.

ولاحقًا، طبخ الخطة الاصلاحية معه قبل أن يقرِّرَ الحريري رمي ورقة مغادرة السرايا بوجهِ الجميع، وأيضًا مع مسارٍ من التفاهمات بين “التيّارَيْن” في الحكومَتَيْن السّابقتَيْن وصلت الى حدِّ غضِّ النظر عن مخالفةِ بندِ منعِ التوظيفِ في الادارات العامة وإقرار تعييناتٍ على قاعدة “مرقلي تمرقلك” ونسج تحالفات انتخابية تحت الطاولة دفعت “التيّار الباسيلي” الى التضحيةِ بمرشحين كرمى “الشيخ سعد” مثل عكار التي ضحَّى فيها باسيل بالمرشّحِ جيمي جبور تأمينًا لاستمرارية نيابة هادي حبيش المغضوب عليه اليوم من العهدِ…

كما لا تبدو شهادة العونيين بالحريري على أبواب التكليف الثالث في عهدِ عون منسجمة مع اعتراف باسيل قبل أسابيعٍ من انطلاق حَراكِ 17 تشرين الاول، بأنّه “أخطأ كما رئيس الحكومة في عدم نقل تجربة التعاون والانسجام والشراكة بينهما الى قواعدِ الجمهورَيْن”، طالبًا موعدًا من منسّقية تيار المستقبل يومها للقاءِ مصارحةٍ وإزالة الحواجز.

ما كَسَر الجرّة بينهما عمليًا، الفيتو الذي وضعه نجل رفيق الحريري على “وريثِ” ميشال عون بحضوره شخصيًّا مع أيٍّ من أعضاءِ فريقه الوزاري في حكومةٍ برئاسته.

أعطى جبران باسيل، مدعومًا من رئيس الجمهورية، الحريري ثلاث فرصٍ: في حكومة العهد الاولى المدفوعة بالتسوية الرئاسية والتي انتهت، برأي قريبين من باسيل، بفشلٍ في ملف تصحيح السياسات المالية ومكافحة الفساد. وهو فشلٌ تكرَّسَ في أداء حكومة العهد الثانية التي من أجلها خصَّصَ باسيل ساعات من النقاشِ مع الحريري لإرساء تفاهماتٍ مرتبطة بالنفضة المُفترَضَة على مستوى ملفات الفساد وملفات أخرى حيوية كالكهرباء وخارطة طريق التصحيح المالي مع جولاتِ “صيانة” متكرّرة لها.

وما بين الحكومَتَيْن، حادثة “اختطافِ” الحريري الذي لا يزال العونيون حتى اللحظة يمنّنونه بجهدهم لإعادته من “الاعتقال” من أجل استكمال مشروعِ الاصلاح مع الزعيم الأقوى في الطائفة السنية، ومع الاعترافِ… “كانت غلطة”.

في الوقائع، أفتى باسيل أخيرًا بعد استنفادِ الفرصِ مع الحريري، كما تقول أوساطه، بأنّ أيّ حكومةٍ برئاسته هي عنوانٌ للفشل المؤكَّد، وبأنّ تسميته غير واردةٍ بما في ذلك وزراء الرئيس.

يحصل ذلك، من دون إعفاءِ باسيل حزب الله والرئيس بري من مسؤولية إعادة إنتاجِ تجربة التعايش الفاشلة الى درجةِ توجيه وزير الخارجية اتهامات صريحة لحليفَيْه بالابقاء على منظومة الفساد القائمة منذ 30 عامًا بالقبول مجددًا بالحريري رئيسًا على حكومة تكنوسياسية كان نادى بها صراحةً رئيس الجمهورية لكن مع اختيار الحريري لمرشّحٍ آخر لهذا الموقع.

وبعكسِ أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله الذي لم يوجّه انتقادًا مباشرًا للحريري، طالبًا منه فقط أن “يتلَحلَحَ” في موضوعِ الحكومة، توسَّعَ باسيل في مؤتمره الصحفي بمروحةِ اتهاماته لشريكِ التسوية السّابق “بشنِّ حرب إلغاءٍ على القوى السياسية، وركوب موجة الانتفاضة، وتصفية الحسابات، وتبرئة نفسه من السياسات السابقة كلّها…”. أما آخر التهم معايرة مرشح سيكلَّف لادارة حكومة إصلاحية من الاختصاصيين “يحمي” في الوقت نفسه نائبًا ارتكَبَ جرمًا بالصوت والصورة بحق القضاء وهيبته.

وبغضّ النظر عمّا ستؤول اليه نتيجة الاستشارات النيابية اليوم الاثنين، فإنّه أمام تكليف الحريري أو عدم تكليفه في حال فرضت تطورات ربع السّاعة الاخير مشهدًا مغايرًا، هناك واقعٌ جديدٌ يضعه اليوم الحزب في سلّمِ أولويات “وجع الرأس” ومنبعه الخصومة الحادّة بين باسيل والحريري والتي وصلت شرارتها الى الضاحية مع تنفيذ وزير الخارجية ما يشبه الانقلاب على “قواعد الاشتباك” التي كانت سائدة منذ انتخاب عون رئيسًا، مع تسليم الحزب بصعوبةِ تقليع حكومة الحريري في ظلّ معارضة من “حزب العهد”.

هكذا لن يكون تفصيلًا أنّه في الوقت الذي يسعى فيه تيار المستقبل ورئيس مجلس النواب وحزب الله لضبطِ الارضِ بغية تأمين حصول الاستشارات بعيدًا من ضغطِ الشارعِ، كان الرهان في ميرنا شالوحي يقوم إما على إسقاط الشارع الحريريّ بعدما تجنَّدَ الاخير لاستخدام الشارع نفسه وإحراق من سبقه من مرشحين، أو وصول المفاوضات بين الثنائي الشيعي والحريري حول تأليف الحكومة الى الحائطِ المسدودِ، مع العلم، أنّ الرهان الاكبر للعونيين في الساعات الماضية كان انخفاض عدّاد التسمية للحريري بما يُخرِجه من الاستشارات منزوع الغطاء السياسي تمامًا كما نُزِعَ عنه الغطاء الشعبي!.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2PoYWGP
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل