اندريه قصاص
بعيدًا من الكلشيهات السياسية، وبعيدًا من المقاربات المنطقية والواقعية، وبعيدًا مما يريده الشارع المنتفض وما لا يريده، نلجأ إلى لغة الأرقام، التي لا تخطىء، ولا يمكن سوى الركون إليها للدلالة عمّا وصلت إليه الحياة السياسية من إسفاف ومن تدن في مستويات المعالجة، إنطلاقًا من أن واحد زائد واحد يساويان إثنين وليس رقمًا آخر، وبذلك تكون نتيجة تسمية الدكتور حسان دياب بـ١١ نائبًا، أي ٦٩ نائبًا ناقص ٤٣ نائبًا لم يسموا أحدًا و١٤ نائبًا سموا السفير نواف سلام والنائبة بولا يعقوبيان سمت حليمة قعقور، أي ٥٨ نائبًا لم يسموا الدكتور دياب، وهذا يعني أن تزكيته تمّت بـ ١١ نائبًا فقط، أي ٦٩ ناقص ٥٨ = ١١. وبذلك تكون تسمية الدكتور دياب سابقة من حيث الأرقام والدلالات السياسية، بحيث سيواجه في عملية تشكيل الحكومة صعوبات جمّة تبدأ بشلكها ولا تنتهي بمكوناتها، مع ما يعني ذلك من أن هذه التسمية ستلقى معارضة سياسية واسعة ومعارضة شعبية، مع العلم أن لا تيار “المستقبل” ولا “القوات اللبنانية” سيقبلان المشاركة في حكومة لم يختارا رئيسها، وهذا يقودنا إلى الإعتقاد أن شكل الحكومة العتيدة سيكون على الأغلب حكومة اللون الواحد، أي حكومة مواجهة، للخارج كما للداخل، وستكون حكومة 8 آذار، على رغم أن الرئيس المكّلف شدّد في بيان تكليفه على أنه مستّقل، وهو أمر فيه شيء من التناقض بين أمر الواقع الذي وُضع فيه حسان دياب وبين ما يتطلع إليه، وهو الذي تنقصه خبرة من سيتعاون معهم في التشكيلة الحكومية بدءًا بـ”التيار الوطني الحر” وإنتهاء بـ”حزب الله”، اللذين لهما حساباتهما الخاصة وأجندات تتخّطى قدرة الرئيس المكّلف، الذي سرعان ما سيجد نفسه محاصرًا في معركة غير متكافئة، من حيث الأحجام والقدرات والحيثيات، وهو الأتي من عالم لا يشبه الواقع السياسي بأي شكل من الأشكال.
وتضاف إلى هذه الأرقام معضلة أخرى من الناحية الميثاقية، وهذا ما رفضه الشارع قبل أن يُرفض الرئيس المكلف من بيئته التي لم تسمه نيابيًا، أذ لم يحصل من بين ٢٧ نائبا سوى على ستة نواب من الطائفة السنّية، وهم محسوبون سياسيًا على قوى ٨ آذار، الأمر الذي سيجعل من عملية تأليف الحكومة عملية صعبة إن لم نقل مستحيلة، على رغم محاولات الرئيس المكلف في بيانه الأول التقليل من أهمية ما يعتبره البعض إخلالًا بالميثاقية، التي اوجبت على الرئيس سعد الحريري التنحي والإنسحاب من المعركة، على رغم أنه كان سيحظى بتسمية النواب المسيحيين المستقلين، إلا أنه أرتأى أنه من المتعذر السير بعكس ما ترغب به أكبر كتلتين نيابيتين مسيحيتين، وإن كان لكل من هاتين الكتلتين توجهات معاكسة ومتناقضة، من حيث الأسباب والنتائج، إذ كان من السهل على الحريري القبول بالأمر الواقع والسير بعكس التيار، وهو المتكل على ثقل تمثيلي وازن في بيئته، وكذلك من خلال الأصوات المسيحية التي لا تنتمي لا لـ”القوات اللبنانية” ولا لـ”التيار الوطني الحر”، لكنه فضّل الإنسحاب لأنه يدرك تمام الإدراك صعوبة ما سيواجهه من صعوبات وما ستعترض مسيرته الحكومية من عراقيل.
فهل يملك الرئيس المكّلف الجديد من معطيات غير ما كان يملكه الحريري؟
المصدر: خاص لبنان 24
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2SeslW3
via IFTTT
0 comments: