Sunday, November 10, 2019

ما هي المكاسب التي تجنيها تركيا من المعارضة المسلحة السورية وما هي الاضرار التي قد تلحق بها؟

الوقت- قامت تركيا قبل عدة أسابيع بشن هجوم عسكري على الجماعات الكردية المسلحة المتواجدة في شمال سوريا وشرق الفرات، وعلى الرغم من معارضة دول المنطقة والعالم على ذلك الهجوم، إلا أن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” لم يكتثر لتلك المعارضة وأمر جنوده بتنفيذ ذلك الهجوم. وكان أحد أهم جوانب عمليات الجيش التركي العسكرية على الأراضي السورية هو استعانة أنقرة بالمعارضة السورية المسلحة التي قدمت لها الكثير من الدعم المالي واللوجستي خلال السنوات الأخيرة. يذكر أن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” كان قد انتقد بعض مواقف القادة الأوروبيين تجاه تلك المعارضة السورية وذلك لأنه يعتقد أن المعارضة السورية المسلحة ليست إرهابية كما ينظر إليها الاوروبيين ويفضل “أردوغان” وصفهم بـ “المجاهدين”.

عبارة الـ”الجيش الوطني” الغامضة

كان الجيش السوري الحر أول جماعة معارضة مسلحة عارضت الرئيس السوري “بشار الأسد” في الأشهر التي تلت الأزمة السورية ولكن مع مرور الوقت، حملت مجموعات أخرى السلاح ضد الحكومة السورية. ومع ذلك، تمكنت الحكومة التركية قبل قيامها بعملية “نبع السلام”، من جمع 200 جماعة معارضة مسلحة تحت مظلة واحدة وأطلقت عليها أسم “الجيش الوطني السوري”. بعبارة أخرى، على الرغم من أن تركيا قد صرحت مرارًا وتكرارًا في الأشهر الأخيرة بأنها تحترم وحدة وسيادة الأراضي السورية ووحدتها السياسية، إلا أنها قامت بتنظيم وتسليح 200 مجموعة مسلحة مناهضة للحكومة السورية! ولكن من غير الواضح الآن ما الذي سيحدث لهذه الجماعات المسلحة وكيف سيكون مصيرها، التي قد يتراوح عدد أعضاؤها ما بين 80 إلى 100 ألف شخص والذين بعضهم من التركمان السوريين، وآخرون من العرب، وعدد قليل منهم من الاكراد السوريين.

وفي سياق متصل، كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأن المعارضة السورية المسلحة قامت خلال الفترة الماضية بأعمال عنيفة ووحشية ضد السكان المحليين خلال عملية “نبع السلام” التركية، الامر الذي أدى إلى اعلان مجلس الأمن الدولي وبعض وسائل الإعلام العالمية، وبعض المسؤولين الأمريكيين أن هذه العمليات يمكن اعتبارها جرائم حرب. في الواقع، لقد أثارت بعض الصور والأخبار المرتبطة بافعال وسلوكيات المعارضة السورية المسلحة التي تدعمها أنقرة، القلق في الاوساط السياسية والعالمية وأصبح من غير الممكن التغاضي عنها. وتظهر هذه الصور أن جزءًا كبيرًا من المعارضة السورية المدعومة من تركيا تحمل ايديولوجيات سلفية متطرفة. يذكر أن حكومات الاتحاد الاوروبي اتفقت على وضع قائمة بعقوبات اقتصادية وحثت الحكومة التركية على إنهاء العمليات العسكرية شمالي سوريا، في الوقت الذي أعرب فيه وزراء خارجية حلف الناتو عن تخوفهم على أمن الحلف بأكمله بسبب هذه العملية وأعرب رئيس البرلمان الأوروبي “ديفيد ساسولي، عن غضب البرلمان من العمليات العسكرية التركية على شمال سوريا، مؤكدا على أن هكذا تدخل عسكري عليه أن يتوقف فورا. ودعا رئيس البرلمان الاوروبي، الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على تركيا على خلفية العملية العسكرية التركية في سوريا وأعلن أن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه أن يقبل في عضويته دولة تتصرف بهذه الطريقة.

المكاسب التي سيجنيها “أردوغان” من المعارضة المسلحة السورية

كان للمسؤولين السياسيين والعسكريين الأتراك عدة أهداف مهمة خلال استعانتهم بالمسلحين في عملية “نبع السلام”:

1. إن المعارضة السورية المسلحة لديها معرفة جيدة بالتضاريس والوضع الجغرافي في منطقة شرق الفرات، وإذا ما حصلت مواجه عسكرية بين الجيش السوري والقوات التركية فإن تلك المعارضة المسلحة يمكن أن تكون درعًا جيدًا لحماية تركيا ويمكن أن تغيير موازين المعركة لصالح أنقرة.

2. إن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” زعيم حزب العدالة والتنمية في وضع سياسي واقتصادي معين لا يسمح له بإصدار أمر بشن عمليات عسكرية من شأنها أن يُقتل فيها العشرات من القوات التركية. لذلك، كانت عملية ترتيب القوات وطريقة إرسالها، تتمثل في أن تكون المعارضة السورية المسلحة في المقدمة وعلى خط النار ومحور الصراع، ووفقًا للمعلومات التي نشرتها وزارة الدفاع التركية والتي تتعلق بعملية “نبع السلام”، فلقد قتل حوالي 144 من مقاتلي المعارضة السورية في اشتباكات مع المليشيات الكردية، في حين أن عدد القتلى من الجيش التركي لم يصل حتى إلى عشرة أشخاص.

3. على الرغم من أن وظيفة المعارضة السورية المسلحة في عملية “نبع السلام” كانت مهمة عسكرية، تتمثل في تطهير وطرد قوات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديمقراطية الكردية من شمال سوريا، إلا أنه كان لها صبغة سياسية.

الاضرار التي قد تتحملها تركيا بسبب دعمها للمعارضة السورية المسلحة

على الرغم من أن الاستعانة بالمعارضة السورية المسلحة قد جلبت فوائد مؤقتة لتركيا، إلا أنه من غير الواضح إلى أي مدى ستستمر هذه الفوائد. وذلك لأنه أولاً، لا يوجد نظام عسكري ونظام قضائي عسكري في ما يسمى بـ”الجيش الوطني السوري” ومن المستحيل أن تستطيع تركيا السيطرة على أعمال هذه المعارضة السورية التعسفية.

ومن الاضرار الاخرى التي قد تلحق بالجانب التركي، يتمثل في أن هذه المعارضة المسلحة في الوضع الحالي، ليست مثل باقي المجموعات المشتتة التي تلبي كل منها احتياجاتها الغذائية والفردية بنفسها وإنما هذه المعارضة السورية أصبحت في وقتنا الحالي بحجم جيش كامل يحتاج إلى الكثير من الدعم المالي وهذا الامر أدى إلى تحمل الحكومة التركية الكثير من النفقات.

وعلى الرغم من انسحاب قوات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديمقراطية الكردية من المناطق التي يتمركز فيها الجيش التركي وقوات المعارضة السورية، إلا أن سكان تلك المناطق لا يزالون ينظرون إلى تلك القوتين بأنها قوات محتلة لأراضيهم. وقد يشكل دعم تركيا المستمر للمعارضة السورية المسلحة في المستقبل عقبة أمام عودة أنقرة ودمشق إلى اتفاقية “أضنة” الأمنية. وأيضا قد يكون للوجود المستمر لهذه القوات في شمال سوريا في المستقبل تأثير سلبي على عملية تعاون شركاء مفاوضات “أستانا”.

في النهاية، ينبغي القول إن قيادة مئات الآلاف من القوات المسلحة المناهضة للرئيس السوري “بشار الأسد” من قبل الجيش التركي تعني بالتحديد محاولة تحدي السيادة السياسية والوحدة السياسية لسوريا، ومن المرجح أن يكون لهذا الامر العديد من النتائج السلبية في السنوات القادمة وليس من البعيد أن تهدد هذه القوات المسلحة الموجودة في شمال سوريا الحدود التركية والسورية لتحقيق بعض المصالح الشخصية وتقوم بارتكاب بعض الجرائم السرية خلال الفترة القادمة.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/32rHhSg
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل