“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
في أربعينيّة الانتفاضة و”شوَيْ”، عادَ اللبناني إلى زمنِ “الغالونات” قافزًا من “طرمبة” إلى أخرى بحثًا عن حفنةٍ من بنزين تسدُّ رمق وسيلة نقله الوحيدة التي ما عادَ يمتلكها، ككلّ شيء في لبنان تقريبًا، بل باتت ملك اهواء طبقة سياسيّة وقحة تُمعِن في استحضار واستجلاب “جنّ الازمة”، بالاصالة والوكالة، إن على صعيد الدولار و”فلتات صرّافيه”، أو على صعيد الحكومة وشياطين تفاصيلها، التي كلّما تخرج من حفرةٍ تعلق في جبٍّ.. وبالله المستعان!
هكذا، تمضي الايّام اللبنانيّة، متنقّلة من أزمةٍ الى أخرى. أمس، أزمة الافران المُرشَّح أن تعودَ بقوّةٍ، واليوم، أزمة بنزين، وبينهما أزمة مؤسسات وشركات واقتصاد منهار وليرة حدِّث ولا حرج، يرفض “اشاوستها” الاعتراف بأنّها تخسر يوميًا ما نسبته 1% على الأقل من قيمتها، ما جعلها اليوم تدرك نصف السقوط، ولا من سامعٍ يسمع، ناهيك عن أزمة الحكومة، العالقة بين فكَّيْ كمّاشة الحريري الذي يُعاني من ترفِ “الدلعِ الزايد”، وكمّاشة الخصوم – الشركاء الضائعين بين الخروج والبقاء، وإن اقنعوا بالخروج، فهم يجهلون طريقة العبور.
الاستشارات التي سرَّب قصر بعبدا، أنّها في قابل الانعقاد بتاريخ أمس الخميس طارت. التوافق “الهش” على سمير الخطيب إسمًا مرشحًا للتكليف، طار أيضًا، التواصل بين الجموع السياسيّة في “كوما” فلا خليلون ولا خليلات. قبول 8 آذار بسعد الحريري التحقَ أو يكاد بسرب الطائرات، فماذا بقيَ؟ حكومة مبتورة بشهادة إستقالة رئيسها، ثمّة من ينفخ في جسدها علَّها تطير هي الاخرى وتحلّ مكان الغياب!
في الوقت الراهن، صُرِفَ النظر عن الاستشارات. معلومات من يواكب الاتصالات، تفضي الى استنتاجٍ واحدٍ، قصر بعبدا عادَ عن خيار الدعوة الى الاستشارات بدليل غياب النيّة والتوافق. وحده حزب الله فهم اللعبة من اولها فدبَّر مكيدة. هو توقعَ، أن تكون مبادرة الحريري الى الاعتذار على قاعدة “ليس أنا، بل أحد آخر”، “توريطة”، فذهب إلى القصر فارضًا منطق تأجيل الاستشارات “لأن ما من شيءٍ جديٍّ”.
ومن المرتقب، منذ الآن وحتى وقت غير معلومٍ، أن لا تشهد الأزمة انفراجات، وبات من شبهِ المؤكّدِ، أن لا دعوة للاستشارات بدليل التوتر السّائد في علاقة الحريري وكلٍّ من رئيس الجمهوريّة ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ينذر السجال العلني معه ذوبان “شهر العسل”، وحزب الله وجبران باسيل، والأسماء التي قيل انّها مرشحة للوصول الى السرايا أُحرِقَت عند تقاطعِ الكولا وعلى جسر الرينغ.
رئيس الجمهورية “عاتبٌ” على الحريري الذي يدير “شواية الأسماء”، ورئيس المجلس كاتمًا غيظه من الحريري رغم وضوحِ مشاركته في تطويق مجلس النواب، والحريري نفسه، وهو حاقدٌ على السفراء الغربيين لأنهم اوصلوا الى الخصوم – الشركاء، أنهم باتوا خارج إطار التموضعِ ضمن خيار “الحريري أو لا أحد” بل هم مع خيارٍ إنقاذيٍّ واضحٍ.
وفي إنتظار الـ “Plan B” التي يُهدِّد الحريري بترجمتها في الإستشارات المُرتَقَبة، يبدو الثنائي الشيعي ومعه القصر والتيار الوطني الحر، أنّهم يميلون نحو مكانٍ آخر في ظلّ مراهنة الحريري على اعتماد سياسية “احراق الأسماء بهدف تقطيع الوقت”. والسّائد اليوم، أنهم في واردِ إعادة تزييت ماكينات حكومة تصريف الاعمال واطلاق مراسيمها مجددًا، علمًا، أنّ الحريري يرفض لغاية السّاعة مبادرة جمعها.
وهذا الخيار يبدو جليًا من خلف دعوات بري المتكرِّرة الى تفعيل عمل حكومة تصريف الاعمال، في وقتٍ، نرى النقيض على ضفّةِ معراب التي ضلَّت طريقها هذه المرّة، رغم أنها بقيت تُكرِّر مرارًا ابان الحكومة الماضية بضرورة انعقادها ضمن تصريف الاعمال وتبحث عن المسوّغات لذلك بدعوة “الضرورة لتشريعِ الضرورة”، بينما اليوم، تراها عدّلت وعَدِلَت عن الدعوة وكأنها باتت غير دستورية.
وفي ظلّ هذه التعقيدات كلّها، يبقى الإتجاه اليوم في ايجاد خيارٍ “سنيٍّ” انتحاريٍّ يقبل تولي المهمة بصعابها كافة، وينجي نفسه من التهلكة، في الشارعِ أو دار الافتاء أو لدى مجلس نقابة رؤساء الحكومة السابقين.
لكن يبدو، أنّ الثنائي الشيعي، ليس في هذا الوارد بتاتًا، بل يبحث عن إسمٍ لا يحمل الحريري ترف حرقه في الشارعِ. من هنا، يبدو أنّه يمضي قدمًا صوب دفع الحريري باتجاه اختيار فردٍ من أهلِ بيتهِ، يأخذ منه دعمه، وينجو من شرور الشارع أو من احتمال تحويله “حصان طروادة” كلما أرادَ الابتزاز أخرجَ الناس الى الشوارعِ.
شخصٌ من هذا الطراز، محميًّا من الشارع وآل البيت هو المختارُ بالنسبة الى الشركاء في الثنائي، وإلّا، فالأزمة الحكومية طويلة وقد ينتهي العام الجاري قبل حلّها، وندخل معه في عضِّ اصابعٍ يزيد تآكلها كلّما زاد تآكل مواضيع الاقتصاد والليرة والبلاد.
على ذمّةِ مصادرٍ عميقة في 8 آذار، فإنّ الخيارات بالنسبة اليها، على صعيد المواجهة “موجودة لكن معدومة”. نحن نشعر بوجود نوايا مؤامرة في ما خصّ محاولة دفعنا باتجاه تشكيل حكومة ذات لون واحد، من خلال جزم البعض منذ الآن بأنّه لن يكون ضمن الحكومة، ما يعني محاولة بتر أطراف الحكومة منذ الآن، وعلى كاهل هؤلاء تعلق مسؤولية “التعطيل والتأخير”.
وتقول لـ”ليبانون ديبايت”، “بتنا نجهل ما يريد الحريري. ضيّعنا وضيّع حالو. قلنا له هاك لبناً مؤلفاً من حكومةٍ بـ 20 وزيرًا، 6 سياسيّون من دون حقائبٍ والآخرون تكنوقراط، لكنه أبى ورفض، وحجَّته أنّه يريد تسميتهم. ثم صالحناه مع بهيج طبارة، وقلنا له خذ ما تريد وألّف حكومتك ونحن معك، فمضى يريد إسقاط ما يريده على الرجل وجعله مسلوب الارادة فهجّجه، والآن تدور الدائرة على صديقه الخطيب الذي يشعر ثقله تخلي صديقه عنه وقت الضيق”.
بخلاصة رأيه، “نحتاج اليوم إلى كاميكازي يفهم في إدارة المحركات اليابانية، لكن المشكلة، أنّ من لدينا يحبون كل من هو من أصولٍ تايوانية، فيسعون خلف الوكيل بدل الاصيل، علمًا أنّ النتيجة واحدة”.
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2pXsKAq
via IFTTT
0 comments: