Monday, November 25, 2019

قراءة في خطاب نصر الله: تكريس “التحرير ـ 2”

** خضر طالب **- الرقيب

لو قُدر للسيد حسن نصر الله أن يشارك في احتفال “التحرير ـ 2” في بعلبك، لوقف على المسرح لتوزيع “الأوسمة” بإسم “المقاومة” وبمناسبة النجاح في “امتحان التحرير”.

افتراض هذا المشهد جاء من وحي مضمون كلام الأمين العام لـ”حزب الله”، والذي حاول فيه القفز فوق السجالات السياسية التي رافقت معركة جرود عرسال التي خاضها “حزب الله” بداية ضد “جبهة النصرة”، ثم معركة جرود القاع ورأس بعلبك ضد “داعش” بوجهيها: اللبناني “فجر الجرود” والسوري “وإن عدتم عدنا”.

وكما توقّعت “الرقيب”، فقد ركّز نصر الله في خطابه على إعطاء هاتين المعركتين بُعداً وطنياً باعتبارهما يندرجان في خانة “التحرير” الذي أنجزته “المقاومة” مع شريكها في “المعادلة الذهبية” الجيش اللبناني، وبزخم شعبي يشكل شريكاً ثالثاً في تلك “المعادلة”. وقد تجاوز ردود الفعل على التعديل الذي أراد إجراءه على تلك “المعادلة” بتحويلها إلى “ماسيّة” عبر إضافة الجيش العربي السوري إليها.

وزّع نصر الله “الأوسمة”، ثم منح “شهادات تقديرية”، قبل أن يطوي صفحة “التحرير ـ 2” للبناء “منها” وليس “عليها”، تماماً كما فعل بعد التحرير الأول، وكما فعل بعد انتصار تمّوز.

كان لافتاً أن نصر الله أعاد الاعتبار إلى “المقاومة الوطنية” التي حرّرت بيروت وجبل لبنان وصيدا وبعض الجنوب، عندما استذكر انتصاراتها في سياق تعداد الانتصارات اللبنانية على “الاحتلالات”. هنا كان واضحاً أن استعادة نصر الله لهذه المحطات جاء بهدف محدّد: تكريس فكرة “التحرير ـ 2” من “الاحتلال ـ 2” الذي كان يتشارك فيه “2” هما “داعش” و”النصرة” وتصدّى له “2” هذه المرة: الجيش اللبناني و”حزب الله”.

وبغض النظر عن مدى نجاح نصر الله في تكريس هذه الفكرة، فإن الأمين العام لـ”حزب الله” اعتمد في خطابه بعد “التحرير ـ 2” في العام 2017 نسخة منقّحة عن خطاب ما بعد “التحرير ـ1” في العام 2000، ذلك لأنه يريد التعامل مع المحطتين باعتبارهما شبيهتين وأن ما ينطبق على الأولى ينطبق على الثانية.

الواضح أن نصر الله نجح في استيعاب ردود الفعل التي جاءت على خطابه الأول قبل أيام بعيد انتهاء المعارك مباشرة. حتى أن “تيار المستقبل” اعتمد في إعلامه ما يوحي أنه قبول بمضمون كلام نصر الله، حيث اعتبر تلفزيون “المستقبل” في مقدمة نشرته الإخبارية أن “نداءات اللبنانيين والوطنيين أثمرت، وأثمر إصرارهم على الدولة وألا يكون لها شريك في السلاح. فاعترف الأمين العام لحزب الله بأن حزب الله ليس بديلا عن الدولة، وأكد أن الحدود كلها من مسؤولية الجيش اللبناني بلا نقاش وأن الحدود الشرقية مع سوريا هي اليوم في عهدة الجيش”. ورأى تلفزيون “المستقبل” أنه “هكذا انخفضت لهجة نصر الله، مقارنة مع مواقفه التصعيدية الاخيرة، وكل ذلك وسط أمواج عاتية من رفض كل كلام له عن انتصار فئوي في الجرود، وإلحاح كل اللبنانيين على أن الدولة وحدها هي من تحميهم”.

أما رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي كانت له مواقف متتالية ضد خطاب نصر الله بعيد انتهاء معركة الجرود، فلم يصدر عنه أي موقف يوحي باعتراض على خطاب نصر الله بـ”التحرير ـ 2″.

وهكذا، يمكن الاستنتاج أن نصر الله وجّه رسائله في الخطاب الأول وحقق مبتغاه منها، وانتقل إلى المرحلة الثانية لانتزاع اعتراف من كل القوى السياسية اللبنانية أن المعركة التي خاضها “حزب الله” بداية، ثم الجيش اللبناني، هي “معركة وطنية” بامتياز، وأن “حزب الله” قاتل “داعش” و”جبهة النصرة”، في سوريا ولبنان، “دفاعاً عن لبنان”. وفي هذا السياق يمكن القول إن نصر الله نجح في تحقيق هذا الهدف، لأن عدم الاعتراض هو بمثابة إقرار بهذه المعادلة، خصوصاً أن نصر الله وضع الدليل على الطاولة عندما أشار إلى اجتماع مجلس الدفاع الأعلى برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي اعتمد خيارياً سيادياً ولم يرضخ للضغوط الخارجية، وأن رئيس الحكومة سعد الحريري وافق على قرار تحرير الجرود وأن رئيس المجلس النيابي موافق من قبل ومن بعد، وبالتالي حصل الاجماع الوطني على قرار “التحرير” وتم تكريس معادلة “التحرير ـ 2” التي استعاد فيها “حزب الله” صفة “المقاومة” باعتباره “رأس حربة” فيها.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/37I26wL
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل