
…ويسأل سائل: ماذا بعد قرارات اجتماع بعبدا الاقتصادي الموسع، وكيف ستتم ترجمتها على أرض الواقع، وما هي السبل المتاحة أمام الحكومة لتحويل هذه القرارات إلى أفعال من خلال تنفيذ خطة واضحة المعالم تأخذ في الإعتبار الشروط التي وضعتها الدول التي ترعى مؤتمر “سيدر” والمتمثلة بسلسلة إصلاحات باتت مطلوبة، دوليًا ولبنانيًا، إذ من دونها لن يكون لما تمّ التوافق عليه في بعبدا أي مفاعيل عملية، خصوصًا أن لبنان موضوع تحت المجهر الدولي، الذي يراقب عن كثب التطورات الحاصلة في الميدانين الإقتصادي والمالي، وهذا ما عبّر عنه الموفد الفرنسي بيار دوكان، الذي دخل من خلال إتصالاته ولقاءاته مع المسؤولين في تفصيل التفاصيل، وبالأخص في ما يتعلق بمشاريع الكهرباء، وقد بدا مطلعًا على أدق التفاصيل، وربما أكثر من المعنيين أنفسهم.
لا شك في أن اهل الحكم يجمعون على أن إجتماع بعبدا هو محطة مفصلية هامة يُعوَّل عليها في الانطلاق بالعمل لمعالجة الازمة الاقتصادية والمالية التي تتخبط فيها البلاد، لكنهم لا ينكرون في الوقت نفسه صعوبة التحدي، خصوصا في ترجمة هذه القرارات خلال الاشهر الستة المقبلة، وهي الفرصة التي اعطتها المؤسسة المالية الدولية “ستاندر اندبورز” للبنان من اجل اصلاح وضعه، وتجنّبه الـ CCC، مع ما يعني ذلك أن الوقت قد اصبح بالنسبة إلى لبنان ثمينًا، إذ لا مجال لإضاعة ثانية واحدة، لأن أي تهاون أو إستخفاف بما يمكن أن يواجهه بعد فترة السماح هذه ستدخله في المجهول – المعلوم، وعنذاك لن تسعفه وساطات ولن تفيده التوسلات.
وفي موازاة ذلك، وفي حال تطابقت حسابات الحقل مع حسابات البيدر، وأيضًا اذا أخذت الحكومة التهديدات الدولية على محمل الجدّ وترجمت القرارات إلى أفعال سريعة بعيدًا عن البيروقراطية فإن لبنان قادر، إذا صفت النيات، على الخروج من أزماته المتراكمة بأقل خسائر ممكنة، بحيث يتمكّن من إجتياز إمتحان الستة اشهر بمعدل نجاح متوسط. وفي هذا المجال يُنقل عن الرئيس نبيه بري تشديده على اهمية تطبيق كل القرارات التي صدرت من دون اغفال اي بند منها، لافتا في الوقت نفسه الى أنه اذا حصلت المماطلة في تنفيذ ولو بند واحد فإن ذلك سيزرع الشك في تنفيذ أي بند آخر.
وبرأي الرئيس بري فإن لبنان هو اليوم في قلب العاصفة، وأن تنفيذ قرارات بعبدا سيخرجه من هذا الوضع ويضعه على السكة الصحيحة للاستقرار الاقتصادي والمالي.
ووفقاً لمصادر مطلعة فان الطريقة التي اعتمدت في اجتماع بعبدا هي طريقة عملية تدل على رغبة جامعة من قوى تحالف الحكومة على تنفيذ الخطة الشاملة لمواجهة ومعالجة الازمة الاقتصادية. فالورقة الاقتصادية التي طرحت اولاً من قبل رئيس الجمهورية بالاستناد الى الخبراء والمختصين والمعنيين تضمنت 49 بنداً، وكان سيحصل خلاف ونقاش طويل حول العديد من هذه البنود، الامر الذي جعل المجتمعين يذهبون الى ورقة من 22 بندًا هي حصة الدمج بين الجزء الاكبر والمهم من الورقة الاساسية المطروحة والافكار التي طرحها عدد من الاطراف.
ويبقى السؤال: هل سيتمكن لبنان من إجتياز مرحلة الخطر، وينتقل إلى مرحلة الأمان؟
النوايا حتى الآن طيبة، ولكن هل تكفي النوايا وحدها؟
المصدر: لبنان 24
اندريه قصاص
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2LscJte
via IFTTT
0 comments: