Thursday, July 4, 2019

بري يمسك عصى التناقضات من وسطها.. وهذه هي خطوط عين التينة الحمر

لم يخطىء الذين أطلقوا على الرئيس نبيه بري صفة “الإطفائي”، الذي يستعمل كل ما لديه من خبرة سياسية ومعرفة حقيقية للواقع اللبناني وللتركيبة السياسية القائمة على التحالفات الإستراتيجية حينًا، وعلى التحالفات الظرفية أحيانًا أخرى، الأمر الذي يمكّنه من لعب دور “الإطفأجي” بإمتياز، لأنه على علاقة وطيدة مع الجميع، بقدر ما يرى في هذه العلاقات ما يخدم الخط الوطني، الذي يسير به، والقائم على توازنات محلية وإقليمية، وهو يتعامل معها بميزان “الجوهرجي”.

وعلى رغم إختلاف البعض معه حول المقاربات السياسية فإنهم يجدون أنفسهم تلقائيًا وفي نهاية المطافات عند عتبة داره، التي توصل إلى قرص الدار الواسعة التي تتسع للجميع، وهو الذي يحاول من خلال ما تجمّع لديه من خبرات تراكمت مع مرّ السنين إجتراح الحلول الممكنة، بعد أن تكون الأمور قد وصلت إلى الحائط المسدود.

ولأنه يعلم أن الدور الذي يلعبه وزير الخارجية جبران باسيل، ليس نابعًا من  قوته الذاتية، وهو الذي عرف كيف يستفيد من تقرّبه من رئيس الجمهورية، الذي يعتبره بمثابة إبن، وهو يمنحه ثقة مطلقة وعمياء، فضلًا عن علاقته الجيدة، وإن كانت متأرجحة بعض الأحيان، مع “حزب الله” الذي تربطه به علاقة إستراتيجية، على رغم بعض التصرفات التي تصدر عنه من حين إلى آخر، في التكتيكات، التي تزعج الحزب، إضافة إلى الحيثية التي يتمتع بها في الشارع المسيحي، وهو على رأس أكبر تكتل نيابي على مستوى الوطن.

من هنا، فإن الرئيس بري يتعاطى مع باسيل على قاعدة “شرّ لا بدّ منه”، مع حرصه على ألاّ تؤثّر أي علاقة ظرفية مع باسيل على تحالفاته السياسية مع الأطراف الأخرى، التي هي على علاقة متوترة مع باسيل، كرئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط مثلًا، مع مراعاته حساسية الوضع الذي يسير على حدّ السيف، لأن الخطأ في هذا المجال غير مسموح، مع الإقرار بأن رئيس مجلس النواب لديه موهبة إستثنائية في جمع الإضداد تحت سقف المصلحة الوطنية بحدودها الدنيا.

فإتقان برّي معروف ومشهود، وهو من أكثر الحريصين على الثوابت والحفاظ عليها، ويمثّل ملجأ ومرجعاً للجميع، وكل ما يقدم عليه، لا يخرج عن رؤية “حزب الله“، ولا يتعارض مع مصلحته، إذا كل محاولات البعض، وبالأخص بعد  التسوية الرئاسية، وبالتحديد من قبل الوزيرباسيل، لتحجيم دور “النبيه” باءت بالفشل، وسقطت عند أعتاب حارة حريك، التي وضعت حدّا لطموحات رئيس “التيار الوطني الحر”، الذي أيقن في النهاية  أن أي معركة له مع الرئيس برّي مآلها الفشل، من دون أن يعني ذلك أن الحزب لا يستفيد من حيثية باسيل، الذي أصبح هدفًا تصّوب عليه كل السهام، بعدما كان “حزب الله” هذا الهدف، إذ كان الحديث قبل “ظاهرة” باسيل، منصّبًا على الخطاب الإستعلائي الذي كان يُتهم به “حزب الله“، ولكن مع بروز النجم الباسيلي تحّولت السهام في إتجاهه، وهذا ما خدم الحزب، ولو بطريقة غير مباشرة، لأن الخطاب الإستعلائي الذي تميّز به باسيل خفّف الضغط عن “حزب الله” ورفع عنه هذه الصفة، التي لازمته قبل أن تتحول الأنظار إلى الحركة الباسيلية.

عند هذه النقطة إستفاد الرئيس بري في جمعه كلًا من الرئيس سعد الحريري ووليد جنبلاط في دارته، وعلى عشاء، وصف بأنه بمثابة غسل للقلوب وتصفية رواسب الماضي، وذلك إستنادًا إلى المعلومات التي يملكها حول تمسّك “حزب الله” بالرئيس الحريري كخيار لا يقبل أن ينكسر تحت أي ظرف، مع معرفة تامة بأهمية التوازنات القائمة داخل مجلس الوزراء، والتي تقوم على إستقطابات قد تميل الدفة لغير الوجهة، التي يريدها الرئيس بري.

من هنا، يبدو أن الرئيس بري، فضلًا عن أنه حاجة وطنية خصوصًا في الملمات، قادر على إمتلاك أوراق اللعبة السياسية، تمهيدًا لإخراجها من شرنقتها وإعطائها دفعًا تصبّ في نهاية المطاف لمصلحته كمرجعية سياسية، وهي التي لا تتناقض مع المصلحة الوطنية، التي يدّعي البعض العمل بوحيهها.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2NuGayZ
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل