
تضاربت المعلومات بشكل كبير جداً حول نتائج اللقاءات المكوكية التي عقدت أمس بين بعبدا والسراي الحكومي، وخلدة والمختارة، وما اذا كانت قد أفضت الى فك أسر مجلس الوزراء. ولعل سفر رئيس الحكومة سعد الحريري في هذا التوقيت لهو خير دليل على أن المشاورات لم توصل الى نتيجة، على وقع تعنت فريقي النزاع وتمترس كل منهما خلف موقفه.
تضاربت المعلومات أمس بشأن قرب حلّ أزمة البساتين. حُكي عن مخرج ينعقد بموجبه مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، وتطرح في الجلسة مسألة إحالة القضية على المجلس العدلي على التصويت، فسقط، ثم طرحت مسألة إحالة القضية على المحكمة العسكرية فسقطت، لتعود الأمور إلى النقطة الصفر، ويغادر النائب السابق وليد جنبلاط إلى المختارة، بعدما كان متوقعاً أن يلتقيه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
اتصالات مكثّفة للخروج من المأزق
اذاً، اكتسبت وتيرة الاتصالات والاجتماعات الكثيفة التي عقدت بين قصر بعبدا والسرايا الحكومية طوال يوم أمس دلالات بارزة لجهة ما وصف بقرار كبير تبلورت معالمه في الايام الاخيرة للخروج من المأزق المزدوج الذي حاصر الحكم والحكومة ومجمل الوضع الداخلي بفعل تداعيات حادث البساتين التي علقت جلسات مجلس الوزراء من جهة والعقبة الطارئة في توقيع قانون الموازنة التي علقت نشر الموازنة من جهة اخرى.
ووصف مصدر سياسي بارز مواكب للحركة التي سجلت امس عبر “النهار” مسار المشهد السياسي ونتائج التحرك بانه بداية حذرة للغاية للخروج من المأزقين “على رؤوس الاصابع”، ملمحاً بذلك الى ان الايجابيات التي بدأت تظهر في البحث عن حل لتداعيات حادث البساتين قضائياً وسياسياً لا تزال في اطار محدود ولا يمكن الجزم بان انفراجاً حصل فعلاً قبل جلاء نتائج التحرك المكوكي الجديد الذي باشره امس المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم بين المراجع الرئاسية والمسؤولين السياسيين المعنيين والذي يفترض ان تظهر نتائجه في الساعات المقبلة. ولمح المصدر الى ان الاجتماع المطول الذي انعقد أمس في قصر بعبدا برئاسة الرئيس عون وضم النائب طلال ارسلان والوزير صالح الغريب في حضور الوزيرين سليم جريصاتي والياس بو صعب واللواء عباس ابراهيم كان على جانب من الاهمية اذ رشح ان رئيس الجمهورية اعاد الدفع نحو ترك القضاء العسكري يستكمل عمله في ملف حادث البساتين ومن ثم يجري البحث في موضوع احالة الملف على المجلس العدلي متى استكملت التحقيقات وصدر القرار الظني عن القضاء العسكري.
وتعززت احتمالات هذا المخرج الذي يرتكز على احالة القضية على القضاء العسكري وتسليم جميع المطلوبين على ان يتخذ قرار الاحالة على المجلس العدلي او عدمه في ضوء نتائج التحقيقات العسكرية، مع ادعاء مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي كلود غانم أمس على 21 شخصاً في حادث قبرشمون – البساتين، بينهم أربعة موقوفين، بجرم إطلاق النار من أسلحة حربية غير مرخصة، وقتل ومحاولة قتل مدنيين. وأحال الملف مع الموقوفين على قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة فادي صوان، طالباً إستجواب المدعى عليهم، وإصدار المذكرات القضائية اللازمة في حقهم. وقام اللواء ابراهيم بحركة دائرية واسعة اذ التقى رئيس الوزراء سعد الحريري أولاً، ثم شارك في لقاء القصر الجمهوري وعاد وزار الرئيس الحريري ومن ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما التقى ليلا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وأوحت حركته الدائرية هذه بان ملامح الخروج من المأزق بدأت تتشكل وان الساعات المقبلة ستشهد على الارجح موعداً حاسماً لتبيان طبيعة الحل الذي يفترض ان يقترن بتوافق المعنيين.
تفاؤل حذر
وأشيعت اجواء تفاؤلية عقب اجتماع بعبدا، وتحدثت المصادر لـ”النهار” عن إمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع أو مطلع الاسبوع المقبل، على ان تطرح فيها طرح قضية قبرشمون، كما يطرح موضوع الاحالة على المجلس العدلي اذا لم يكن بالحوار فبالتصويت في حال الضرورة، ويقبل جميع الاطراف نتيجة هذا التصويت.
وعلم ان اللواء ابراهيم كان مصراً أمس على انتاج المخرج الكفيل بمعاودة جلسات مجلس الوزراء. وفِي السياق نفسه، كانت زيارة الوزير وائل بو فاعور للرئيس الحريري مساء أمس موفداً من جنبلاط.
وقالت المصادر المواكبة لهذه الحركة المكوكية لـ”النهار” انها تقوم على قاعدة ضرورة انعقاد مجلس الوزراء وإدراك جميع الاطراف الظرف الاستثنائي الذي يمر به البلد والتحديات والاستحقاقات التي تواجهه.
وفيما تكتمت بعبدا على تفاصيل الحل الذي استجاب له ارسلان والغريب، قالت مصادر أخرى مطلعة إن رئيس الجمهورية يعمل على قاعدة استمرار قضية قبرشمون في مسارها القضائي في المحكمة العسكرية، وبعد صدور القرار الظني يعرف ما اذا كانت ثمة ضرورة للإحالة على المجلس العدلي.
وأوضحت المصادر ان ارسلان قبل بهذا الطرح شرط الحصول على ضمان لطرح الإحالة لاحقاً، لكن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي كان رفض ذلك.
ووفقاً لأحد المشاركين في الاجتماع لـ”الشرق الاوسط” فقد طلب عون من أرسلان تليين موقفه؛ لأنه لم يعد من الجائز تعطيل اجتماعات مجلس الوزراء، لما تتركه من تداعيات سلبية.
واكتفى الوزير جريصاتي بالقول لـ”اللواء” عن حصيلة الاجتماع الخماسي في بعبدا: البشائر والاجواء ايجابية على امل ان تتحقق هذه البشائر، لكن موجب التحفظ في التفاصيل ضروري الان لحين انتهاء المساعي.
وفي السرايا، ظلّ التفاؤل حذراً، خصوصاً ان الرئيس الحريري كان يتحفظ عن اَي طرح يقود حكومته الى التصويت وتالياً الى انقسام داخلي، مصراً على انها حكومة توافقية.
الحلول على طاولة البحث
وبحسب صحيفة “الأخبار” وضع احتمالان على طاولة البحث أمس، في الاحتمال الأول، كان يفترض أن يوافق النائب طلال أرسلان على طرح القضية على التصويت في مجلس الوزراء، مع ضمان أن تكون النتيجة “15 وزيراً مع و15 وزيراً ضد”، فيسقط اقتراح إحالة القضية على المجلس العدلي وينتهي الأمر بتولي القضاء العادي مهمة النظر في القضية. اعتمد أصحاب هذا الطرح على استعداد ارسلان لتقبّل عدم إحالة القضية على المجلس العدلي، ما دامت عُرضت في مجلس الوزراء، ولم تحصل على الأكثرية، فيما كان الرهان أن يوافق جنبلاط على المخرج بما أنه يضمن له عدم تحويل القضية إلى المجلس العدلي. لكن هواجس جنبلاط من احتمال حصول أي أمر غير متوقع في الجلسة، كأن يغيب أي من حلفائه، جعله يتمسك برفض هذا الاقتراح.
بعد ذلك، جرى سعي لإقناع أرسلان بالموافقة على أن تتولى المحكمة العسكرية القضية، على أن يعلن المدعي العام لدى هذه المحكمة بيتر جرمانوس، عدم صلاحيتها للبت بها، فيحول الملف إلى المدعي العام التمييزي، الذي بدوره يحيله على وزير العدل. وفيما عُلم أن مهمة اللقاء الذي عقده رئيس الجمهورية ميشال عون مع أرسلان والوزير صالح الغريب، بحضور الوزيرين الياس أبو صعب وسليم جريصاتي والمدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، كان إقناع أرسلان بهذا الحل، إلا أن الأمور توقفت عندما تبين أن خطوة من هذا النوع ستعيد الأمور إلى بدايتها، بحيث يتجدد الخلاف بعد ذلك على خلفية إحالة القضية على المجلس العدلي، أضف إلى أن الرئيس سعد الحريري سيكون في الواجهة هذه المرة، من خلال المدعي العام التمييزي، الذي سيكون مضطراً إلى تحديد وجهة الملف.
وفي تقدير مصادر “اللواء”، ان معظم الأفكار المطروحة تعمل على تحييد انعقاد مجلس الوزراء عن أزمة حادثة قبرشمون، وان نقطة الارتكاز في هذا المسعى هي ان الحريري لن يدعو إلى عقد أي جلسة لمجلس الوزراء، إذا لم تكن لديه معطيات اكيدة ان الجلسة لن تكون تفجيرية، ويتوقع ان تنقشع صورة الاتصالات المكثفة التي جرت في الساعات الماضية اليوم على هامش احتفال عيد الجيش حيث سيلتقي الرؤساء الثلاثة، وتتوضح كل الأمور.
لكن بالرغم من أن يوم أمس لم يشهد الحل المنتظر، إلا أن العاملين على تفكيك الألغام يتعاملون مع ما تحقق أمس على أنه قد يؤدي إلى انفراج قريب ينتهي بالدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء قبل عيد الأضحى.
جنبلاط غير موافق
الاّ ان الأجواء التفاؤلية التي سادت في النهار تراجعت في المساء بعدما أبلغ النائب السابق وليد جنبلاط الرئيس سعد الحريري عبر وزير الحزب التقدمي الاشتراكي وزير الصناعة وائل أبو فاعور انه لا يوافق على المشاركة في جلسة، يطرح على جدول أعمالها حادث قبرشمون ويؤخذ إلى التصويت، لأن في ذلك، ما يشبه الإدانة الجرمية المسبقة، وهذا ما يرفضه بقوة الفريق الجنبلاطي.. وعبّر أبو فاعور عن رفضه بعبارة ضمنية بعد لقاء استمر 45 دقيقة: إن شاء خير..
وبناء عليه، صرف اللواء إبراهيم النظر عن زيارة كليمنصو ولقاء جنبلاط.
الاحالة على المجلس العدلي سحب من التداول
وسط كل هذه اللقاءات والاجتماعات والأخذ والردّ، أكّدت مصادر مطلعة لـ”الشرق الأوسط” أن إحالة القضية إلى المجلس العدلي سحبت من التداول لتأخذ مسارها القانوني، بعدما أحيلت إلى المحكمة العسكرية.
اجتماع الحريري – باسيل: الحلحلة تتوسع
وفي سياق مؤشرات الحلحلة على أكثر من صعيد ، كان اللقاء البعيد عن الاعلام بين الرئيس الحريري والوزير جبران باسيل امس الى مائدة الغداء في “بيت الوسط”. وعلم من المصادر ان اللقاء يصب في اطار اعادة تفعيل عمل الحكومة والتعاون بين الطرفين وازالة كل رواسب التشنج التي ظهرت في المرحلة الاخيرة.
واعتبرت مصادر “التيار الوطني الحر” لـ”النهار” ان هذا اللقاء يؤكد ان لا خلاف بين الحريري وباسيل على عكس تمنيات البعض.أبو صعب,فادي صوان, بيتر جرمانوس
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2STZ0Pb
via IFTTT
0 comments: