مكافحة الإرهاب ... جهة عليا مسؤولة..
تنطلق مسيرة مكافحة الإرهاب من الحاضر مروراً بمعالجة آثار الماضي ثم تمضي نحو المستقبل، وليس من الحكمة الحديث عن مكافحة الإرهاب إلا بعد أن نسبر أغوار هذه الظاهرة دون أن نغرق في دوامة التعاريف، بعيداً عن المصطلحات الطوباوية كالقول بالقضاء على الإرهاب.
علينا في البداية أن لا ننطلق من نقطة الصفر، بل أن نندمج مع ما هو قائم على أرض الواقع والحديث هنا عن مكافحة الإرهاب من خلال العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات المسلحة المقاتلة وعلى رأسها الجيش العربي السوري، وقوات الدفاع الشعبي بمختلف المسميات والمقاومة اللبنانية "حزب الله"، فالركيزة الأساسية في مكافحة الإرهاب هي القضاء على تلك المجموعات المنتشرة على الرقعة الجغرافية الواسعة والتي تتخذ مسميات عديدة وأشكال متعددة وتدين بولاءات مختلفة في بعض الأحيان، ولكنها جميعا تخدم هدفاً واحداً وهو ضرب وإسقاط الدولة السورية ومؤسساتها وشعبها، من هنا ينبغي الإنطلاق من الحاضر المتمثل بما تقوم به القوات المسلحة والجيش العربي السوري، وبالتوازي مع هذا العمل يجب العودة -من قبل من يعمل في غرف العمليات وخلايا الإدارة وإدارة الأزمة- إلى ماضي من يعملون الآن لصالح الإرهاب أياً يكن نوعه ومموله ومسماه وانتماءه، بمعزل عن القوى الخارجية التي صنعت ومولت ودربت فلذلك الأمر اعتبار لا يعني موضوع حديثنا الآن، فمعرفة أصل الشئ تعني سهولة اجتثاثه وتجفيف المنبع الذي لا يظهر أثناء أو من خلال المعركة الدائرة، لأننا نبحث في سبب وجود المناخ الذي سهل عمل الجهات التي قامت بصناعة الإرهاب، وهذا يتطلب بالتأكيد تعاوناً من الخبراء في علم التاريخ والاجتماع والنفس وعلم الجريمة والاقتصاد والنتوبولوجيا، لتحديد ما هي الظروف أو الأجواء التي أدت إلى سهولة تحويل الأفراد إلى إرهابيين، فالعوامل في العموم قد تكون إقتصادية أو إيديولوجية أو فكرية أو إجتماعية....الخ، سابقة للحرب أو متفاعلة معها، ولكل عامل أسبابه وطرق علاجه فحين تتزامن المعارك مع القضاء على المسببات نكون أمام عملية حصر من حيث المسببات وتطهي رمن حيث العمليات العسكرية لتكون لدينا عمليه متكاملة حقيقية تحصن المجتمعات التي نسعى لمكافحة الإرهاب فيها، وتشكل القاعدة الصلبة لوضع الخطط، وتوجيه المجتمع، وبناء المؤسسات والبنى، الكفيلة بعدم نمو مثل تلك الخلايا أو البؤر وقطع الطريق أمام القوى التي تسعى لتجديد تصنيع الإرهابيين، من جهة أخرى يجب الحذر من أن تفرز الحرب أسباباً وظروفاً ومسوغات غير كل التي كانت سابقاً لنمو الإرهاب إرهاب من نوع أو شكل آخر قد يتستر بالدفاع عن المصالح العليا للدولة، أو يتخذ من الغطاء الرسمي ملجأ لممارسة الإرهاب باسم القانون.
في المحصلة يبدو ضرورياً الحديث عن إنشاء جهاز مختلف عن أي جهاز يعمل اليوم أمنياً كان أو عسكرياً أو إعلامياً، بمثابة جهة عليا لمكافحة الإرهاب تكون مهمتها تشخيص مصلحة أجهزة وقطاعات الدولة المختلفة، تصوغ وثيقة عمل مشتركة توحد الجهود وتحدد المفاهيم والمصطلحات والأولويات والتكتيكات وحتى الإستراتيجية في خدمة الهدف الأساسي وهو مكافحة الإرهاب.
بلال ديب
0 comments: