يعتبر مركز «جيفري رات» للدراسات الأميركية أنّ حزب الله هو الطرف الأقوى ميدانياً وقتالياً في سوريا حيث نجح الحزب بالرغم من أنه قاتل في بيئة معادية خلافاً لكل حروبه مع إسرائيل التي أجريت على الأراضي اللبنانية، حيث البيئة موالية.
فقد اجتاح غرب العاصي (32 قرية) ونجح بعزل مدينة القصير وأسقطها بوقت قياسي، ولقد ركز الحزب على الوحدات الصغيرة لتقليل الخسائر، واكتسب خبرة القيادة والسيطرة على المستويات العملياتية والتكتيكية على مستوى تطوير القتال من وحدات صغيرة إلى سرايا وكتائب.
اعتمد حزب الله على الإغارات المتتالية لاستنزاف الخصم واستفاد من قوة نيرانه، والقدرة على تنسيق العمليات، إضافة إلى الاستفادة من الأسلحة الحديثة التي حصل عليها، بخاصة الطائرات من دون طيار، كما استخدم ببراعة التكتيكات المضادة للحروب غير النظامية، أو اللامتناظرة أو اللامتكافئة، مثل القدرات الفردية كسرعة التصويب على الأهداف المختلفة، والانتقال السريع للعناصر القتالية في الميدان بشكل يربك الخصم. واعتمد على الضغط على قواعد الإسناد.
وكانت معركة القصير نموذجاً لحرب الشوارع، فالمباني متلاصقة ما تطلب تأمين المكان متراً ــــ متراً وتقدمت قوات حزب الله في مجموعات صغيرة من 3 ــــ 5 للمجموعة حيث تعاملت مع الشراك الخداعية والمناظل المفخخة والألغام، بالإضافة إلى مواجهة شبكة ضخمة من الأنفاق التي حرفتها مجموعات المعارضة.
ثم خاض الحزب تجربته الثانية في القلمون، وكان أمام تحدٍّ على مساحة 350 كلم تمتد من يبرود حتى قلعة الحصن (27 بلدة)، معركة القلمون كانت مختلفة عن القصير، رغم ما تشكله صعوبة المنطقة، وما تشكله من جغرافيا معقدة وسلسلة جبال وتضاريس وكهوف. في القصير قاتل حزب الله بتشكيلات شبيهة بالقوات النظامية، ولكن في القلمون قدم سيناريو آخر يعتمد على مجموعات صغيرة تتقدم على النقالط الاستراتيجية من هضاب وتلال وسفوح وممرات جبالية اعتمد فيها على الهجوم الصامت من دون ضجيج وعمليات صاخبة.
وفي الغوطة استعمل أسلوب الأرض المحروقة، الأسلوب القديم ــــ الجديد قصف تمهيدي ثم هجوم تحت غطاء صاروخي مرعب (بركان ــــ طوفان).
أما في كسب عمد إلى عمليات كومندوس وإنزالات بحرية (وحدات الرضوان) كإنزال السمرا، وتميزت أعمال الحزب بالدقة في تحديد الأهداف والمفاجآت وتأمين خطوط الانسحاب وساعده في ذلك جهاز استخباراتي مدرب جيداً.
وأبرز عنصر في تركيبة الهيكل العسكري لحزب الله الصلاحيات الممنوحة للضباط الصغار باتخاذه القرار المناسب بمن دون الحصول على موافقة مسبقة من قادتهم.
إن ما يميّز تجربة حزب الله عن بقية المجموعات الأنصارية أنه أتقن الأسلوبين، الدفاعي بمواجهة الجيش الإسرائيلي والهجوم بقتال المعارضة السورية خارج أرضه. وهذا نتيجة نضوج مدرسته العسكرية.
في سوريا، قاتل كل صنوف المجموعات التي خبرت حروب العصابات، بينما كان الحزب متخصصاً بأسلوب معين لمواجهة الجيش الإسرائيلي ضمن استراتيجية دفاعية عمل طويلاً على تطويرها. وهي خطة تعتمد الأنفاق والتبادل الصاروخي ونصب الكمائن وإنشاء دفاعات حيوية ــــ نشيطة.
عن جريدة الاخبار
Posted via Blogaway
0 comments: