مفاجأة من العيار الثقيل فجّرها فريق الدفاع عن المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري في لاهاي، خلال استجوابهم «الشاهد» (النائب) مروان حمادة. الرجل تعثّر أمس بتناقض أقواله من جهة، وبماضيه من جهة أخرى. ومن أقواله أن هاتفه الخاص حامل الرقم (03958000) تحطّم نتيجة التفجير الذي استهدفه في الأول من تشرين الأول من عام 2004 وتعطلت شريحته ولم يعد يستخدمه منذ ذلك الحين. إلا أن أنطوان قرقماز، المحامي المكلّف من قبل المحكمة بالدفاع عن مصالح المتهم مصطفى بدرالدين، كشف له وللرأي العام أن داتا الاتصالات رصدت تلقي اتصالات هاتفية ورسائل نصية على رقم هاتفه بعد ثمانية أيام على الحادثة.
قرقماز استعرض له عدداً من أسماء المتصلين. لكن حمادة نفى علمه بها، مشيراً إلى أنه تلقى آلاف الاتصالات من موقعه كوزير. ليس هذا فحسب. كشف قرقماز أن سامي عيسى (وهو بدر الدين نفسه بحسب القرار الاتهامي الذي أصدره الادعاء العام في المحكمة) أجرى اتصالات برقم حمادة أيضاً، ما دفع المحامي إلى الاستفسار عن
العلاقة التي تربط حمادة ببدر الدين، «خصوصاً أيام ما كان الحزب التقدمي وجيش التحرير العربي يقاتلان في الحرب الأهلية إلى جانب حركة فتح في معارك ربما شارك فيها بدر الدين وعماد مغنية»، وهو ما نفاه النائب الشوفيّ. كذلك أشار المحامي إلى وجود اتصالات بين رقم هاتف حمادة وأرقام هواتف كانت تتواصل بدورها مع أرقام هواتف تعمل ضمن الشبكات التي يشتبه الادعاء في أن منفذي جريمة اغتيال الحريري قد استخدموها.
وبما أن الناجي من الاغتيال وفريقه اعتمدوا على داتا الاتصالات لاتهام الأربعة بقتل الحريري، فإنه سلّم بمنطق الاتصالات، فلفت إلى أنه لم يستخدم بنفسه الهاتف بسبب خضوعه للعلاج بعد محاولة الاغتيال، وربما هناك من عبث بالهاتف لتضليل الأحداث، مطالباً بفتح تحقيق. في المقابل، جزم بأن أجهزة الاستخبارات السورية نفسها عبثت بهاتفه، ما دامت هي أيضاً تولت التحقيق بمحاولة اغتياله وجمع بقايا السيارة. ووضع احتمال أن تكون الأخيرة قد استولت على الهاتف لاتهام بدر الدين.
مسك ختام استجواب قرقماز لحمادة كان حول جريدة «النهار» التي اشترى الرئيس رفيق الحريري جزءاً من أسهمها «للحفاظ عليها بعدما واجهت الصحافة أزمة بعد الحرب ولم يتدخل في مضمون الصحيفة»، بحسب الشاهد. ولفت إلى أن الرئيس بشار الأسد «طلب من الحريري فض الاتفاق مع النهار خلال 48 ساعة وإرسال عقد البيع إلى دمشق مع رستم غزالة». لكن قرقماز ذكّر حمادة بمقالين كتبهما الشاهد في النهار، عامي 1997 و1999، يبجل فيه بالرئيس الراحل حافظ الأسد، مادحاً تجربة حزب البعث في سوريا «التي شكلت تحولاً في العالم في القوة والكرامة».
كثافة أسئلة قرقماز التي صوبت على روايات حمادة السابقة، أثارت غضب الأخير، فطلب من رئيس المحكمة حمايته منها، قائلاً إنه كشاهد بتصرف هيئة المحكمة، «لكن هذا الأمر غير مقبول».
في شهادته، تطرق حمادة إلى لقاء جمعه بعد محاولة اغتياله بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وقال إنه سأل نصر الله عمّا إذا كان حزب الله قد استهدفه، وأن نصر الله رد بالنفي. وعلى ذمة حمادة أنه سأل نصر الله أيضاً عمّا إذا كان النظام السوري هو من استهدفه، وأن الأمين العام لحزب الله رد قائلاً: «لست أدري».
0 comments: