البحرين اليوم – (خاص)
أعلنت مصادر رسمية خليجية النية لإنشاء “قوة بحرية مشتركة”، تكون موازية لقوات “ردع الجزيرة” التي تقودها السعودية وتتخذ الرياض والمنامة مقرّا رئيسيا لها، وذلك بعد دخولها البحرين في مارس 2011 لقمع الثورة.
إنشاء “القوة البحرية المشتركة” بين دول الخليج؛ يأتي في ظلّ نمو المخاوف الداخلية على خلفية ما يُسمى باتّساع النفوذ الإيراني على أكثر المحاور المؤثرة في المنطقة، إضافة إلى ما يُقال عن مراجعات مستمرة للولايات المتحدة بشأن سياستها في الخليج، وتوجّه واشنطن ل”تليين” مواقفها من طهران إلى حدّ “تقديم تنازلات لها”، بحسب ما يقول محللون.
المصادر الرسمية الخليجية قالت بأن القوة البحرية المشتركة تحمل اسم “الأمن البحري 81″، ومن المتوقّع أن يتم تدشينها خلال أشهر، وفق تصريح لأحمد يوسف الملا، مستشار وزارة الدفاع الكويتية.
القوة الجديدة، وبحسب المصادر ذاتها، ستكون تابعة لقوات درع الجزيرة، وهو ما يعني أنها ستكون خاضعة لهيمنة السعودية إلى حدّ كبير، حيث ستُشكّل الرياض ومسقط “نواتها الأولى”، على أن تستقر طلائعها في البحرين، وهو ما يُعزّز الرابط القوي الذي يجمع الحلف السعودي والخليفي.
اللافت أن جهات سعودية شبه رسمية تحدّثت بأن القوة الجديدة تأتي في إطار التوجه الخليجي من أجل البدء في التحلّل من “سياسة الاعتمادية” المطلقة على “التحالفات الدولية”، وهي اعتمادية جعلت المشيخيات الخليجية محكومة بالقرارات الأجنبية وبهيمنة الرؤية الخارجية، لاسيما على صعيد خوض المعارك وتحديد “العدو الخارجي”. إضافة إلى ذلك، فإن الإطار “التحالفي” الذي يربط دول الخليج بالدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، جعل الخليجيين يشعرون دوماً بفقدان “القدرة على الخروج من الطوق الأمريكي”.
يأتي ذلك اتساقاً مع قرار السعوديين في زيادة عديد قوات درع الجزيرة إلى 8 آلاف جندي، مع إنشاء وحدة طيران تابعة لها في مدينة حفر الباطن، شمال غرب السعودية. ويأتي قرار التمدد العسكري نحو مياه الخليج، فاضحاً لتفشي القلق إزدواجية الأزمة التي يُعاني الخليجيون، والمتمثلة في وهم “الخطر الإيراني”، وحقيقة “الإهمال الأمريكي”. هذه الأزمة طغت بوضوح على ملامح السياسة السعودية التي لا تكف عن إبراز الامتعاض من “اتساع النفوذ الإيراني”، وقدرة طهران على التحكّم بمعابر بحرية رئيسة، وخاصة مع الاحتمالات “المعزَّزة” للامتداد إلى ممرات بحرية لها طابع إستراتيجي، وذلك بالتلاقي مع التحرك الحوثي الأخير.
هذا السيناريو المحتمل، يُشعل لدى الرياض الخشية على الحركة التجارية، وسير خط ناقلات النفط، والذي يمثل الخليج ممرّها الإستراتيجي نحو الأسواق العالمية.
في المقابل، لا يستبعد مراقبون الإشارة إلى أن جوهر القلق السعودي (وبقية الحلف السعودي في الخليج) ينبع ممّا يُوصف ب”التراخي الأمريكي” في حماية الخليج، وعدم استبعاد أن تقوم واشنطن بإبرام اتفاق مع طهران يُفضي إلى تغيرات أساسية تكسرُ المعادلة التقليدية التي بنت العلاقة الأمريكية بالخليج، والتي أخذت عنوان “النفط مقابل الأمن”.
التحرك السعودي والخليجي عسكريا وأمنيا لا يبدو مجديا، حيث لا تزال دول الخليج غير مؤهلة للاستقلالية العسكرية والأمنية عن الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة. فالتسليح وعمليات التدريب الفني والعسكري يأتي من الغرب، ولم تتوفر للمشيخيات الخليجية – حتى الآن – القدرة على توفير أسواق تسليحية كافية من الدول المضادة للمحور الأمريكي، فضلاً عن عجز هذه المشيخيات عن إدارة أي عملية عسكرية، برا أو بحرا، من غير الخبرات والتجهيزات العسكرية والأمنية الغربية.
الولايات المتحدة والدول الغربية لن تمانع من إقدام الخليجيين على إنشاء أية قوة عسكرية وأمنية، فهذه الدول هي المستفيد الأول من “إنعاش” القلق الخليجي، والسعودي تحديدا،، حيث تربح جراء هذا “القلق” المليارات من وراء صفقات التسلح والاستشارات الأمنية.
0 comments: